الدكتور ضرغام الأجودي / رئيس الجمعية العراقية للبحوث والدراسات الطبية

يخطئ من يظن أن مكافحة المخدرات هي مسؤولية مديرية مكافحة المخدرات أو الأجهزة الأمنية فقط، بل هي خطر داهم أكثر ضرراً من الإرهاب. تجارة المخدرات تحدٍ عالمي يتجاوز الأطر الأمنية ليصبح قضية مجتمعية تهدد الأفراد والأسر والدول. فالمخدرات ليست مجرد ظاهرة إجرامية، بل سلاح خفي تستخدمه مافيات دولية منظمة وأجهزة مخابرات وجهات متنفذة، لضـرب استقرار المجتمعات وإضعاف الدول.

وشواهد التاريخ تحمل لنا دروسًا واضحة حول مدى خطورة تجارة المخدرات، فأطول حرب في تاريخ البشـرية التي شنتها بريطانيا وفرنسا عام 1849 على الصين والتي عرفت بحرب (حرب الأفيون)، كان غرضها الصـريح هو إجبار الحكومة الصينية على إلغاء قراراتها بمنع استيراد وبيع الأفيون (نوع من المخدرات) في الصين مما جعل الدول المصدرة للمخدرات (بريطانيا وفرنسا) ترسل أساطيلها العسكرية وجيوشها لغزو الصين وإجبارها على استيراد المخدرات التي كانت تفتك بالشعب الصيني. واليوم كالأمس لم يختلف الأمر، فمازالت مافيات المخدرات تتحكم بمصير الحكومات والشعوب حول العالم.

إن خطر المخدرات يهددنا جميعا، فالمخدرات تفتك بالشعوب من عدة اتجاهات، فهي تدمر الفرد والأسرة والمجتمع، وتسبب مشاكل عديدة. فالمخدرات تسبب الانتحار والطلاق وفقدان العمل والفقر والجريمة، فيفقد المدمن عمله وأمواله وصحته واحترامه في المجتمع ويصبح خطرا على أسرته ومجتمعه، ويجبره الإدمان على بيع شرفه أو ارتكاب الجريمة، فيصبح خطرا على نفسه وعلى أسرته وعلى مجتمعه.

الشباب والمراهقون هم الفئة الأكثر عرضة للاستهداف من قبل تجار المخدرات، الذين يستخدمون أساليب احتيالية متقنة للإيقاع بهم، مستغلين ضعفهم وفضولهم في لحظات معينة. لذا، تقع على عاتق الجميع—من آباء وأمهات ومعلمين ومؤسسات—مسؤولية رفع مستوى الوعي وتعزيز الحصانة الذاتية لدى الأجيال الشابة ضد هذا الخطر الداهم.

انطلاقًا من هذه المسؤولية المجتمعية والأخلاقية، أطلقت الجمعية العراقية للبحوث والدراسات الطبية موقعًا إلكترونيًا متخصصًا لمكافحة المخدرات تحت عنوان (لا للمخدرات).

ويهدف هذا الموقع إلى نشـر الوعي حول أخطار المخدرات، وتقديم الدعم والإرشاد للضحايا وأسرهم.

نسأل الله تعالى أن يوفقنا ليكون عملنا خالصا لوجه الكريم نافعا لنا يوم لا ينفع لا مال ولا بنون، وأن يسهم في إنقاذ الأرواح وحماية المجتمعات من هذا الخطر المتفشي.