أ.م. د. تقى محمد جواد / رئيس فرع طب الأسرة والمجتمع في كلية الطب بجامعة واسط
جميعنا يعرف سرعة انتشار تعاطي المخدرات في المجتمع خاصة في السنوات الاخيرة التي شهدت زيادة في تعاطي المخدرات بين فئات مختلفة من المجتمع وبالأخص فئتي الشباب والمراهقين المعروفين بحب التقليد والتجريب لكل ما هو جديد وغير مألوف، لذا كان لزاما على الجميع الشعور بالمسؤولية تجاه هذه الظاهرة التي تعد من أفتك الظواهر تأثيرا ليس على الفرد فحسب بل على المجتمع ككل وجميع مفاصل الحياة.
لا يخفى علينا جميعا ان امكانيات الصحة في العراق بل وفي جميع أنحاء العالم تتسم بالقلة والمحدودية، لذا فان توفر مراكز التأهيل المتطورة والعلاجات المناسبة بالإضافة الى الطواقم المتخصصة لعلاج حالات التعاطي والادمان بات شبه مستحيل في مثل الظروف التي نعيشها في العراق هذه الفترة، لذلك تكون الوقاية هي حجر الأساس الذي نعتمد عليه بالدرجة الاولى للحفاظ على مجتمع صحي متماسك خالٍ من آفة الادمان.
إن أهم وسائل الوقاية تتمثل في التوعية الموجهة إلى جميع الأفراد عامة وفئة المراهقين والشباب خاصة.
والتوعية تعني التفهيم والتوضيح حيث تظهر أهميتها في تركيز انتباه مجموعة واسعة من الناس إلى مسألة أو قضية معينة ومنها ظاهرة تعاطي المخدرات. تكون التوعية بطرق مختلفة منها ما يستخدم الترهيب ومنها ما يستخدم الترغيب حيث يجب ابراز الجوانب الخطرة في تعاطي المخدرات على الصحة الجسمانية والعقلية والاجتماعية للفرد إضافة الى تأثيراتها السلبية من الناحية الاقتصادية والامنية للمجتمع، أما الترغيب فيكون عن طريق التأكيد على ضرورة الخضوع للعلاج وترك الادمان والانخراط من جديد كفرد فعال في المجتمع.
ومن الجدير بالذكران مسؤولية التوعية ضد المخدرات هي مسؤولية مشتركة تضطلع بها جميع المؤسسات ابتداءً من الأسرة وانتهاءً بالمؤسسات الدينية والاجتماعية والصحية والإعلامية ولكل منها دورها الخاص الذي لا يكتمل إلا بالتعاون مع بقية الجهات ذات العلاقة. حيث تعتبر الأسرة الحاضنة الاولى للفرد ومصدر أولى ممارساته الصحية والاجتماعية، لذلك لها الدور الأساس لمواجهة خطر المخدرات عن طريق التربية الصحيحة وتنمية الشخصية والثقة بالنفس وتوفير البيئة المناسبة وتنمية المواهب والقدرات لشغل أوقات الفراغ بالنشاطات المفيدة والأهم من هذا كله دور القدوة الذي يمثله الأبوان بالنسبة لأولادهم والاختيار الصحيح للأصدقاء.
اما بالنسبة لدور المدارس والجامعات فيكون عن طريق اقامة المحاضرات والندوات التي تستهدف الفئات المعرضة لخطر التعاطي والادمان، كما ويجب ان تحتوي المناهج الدراسية على بعض المعلومات المفيدة بخصوص تأثير المواد والادوية المخدرة على اجهزة جسم الانسان المختلفة، تنظيم السفرات الترفيهية والنشاطات الرياضية اللاصفية التي تدعم الصحة العقلية والنفسية للطلبة، بالإضافة الى دور المؤسسات الصحية لتعزيز صحة الاشخاص والاكتشاف المبكر للأمراض النفسية التي قد تكون عاملا اساسيا للاتجاه الى التعاطي، والتنبيه الى نتائج استعمال بعض الادوية المهدئة بدون استشارة الطبيب.
هناك ايضا طرق مختلفة اخرى يمكن الاستفادة منها لتوعية الافراد حول التأثيرات الكارثية للمخدرات كاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام السمعية والبصـرية، بالإضافة الى رسائل الموبايل، توزيع البروشورات والبوسترات في الاماكن التي تواجد بها الشباب بكثرة كالمقاهي والنوادي، و القيام بالحملات التوعوية المستمرة في الاماكن المختلفة.
واخيرا لايسعنا الا ان نذكر بقول الله تعالى في محكم كتابه الكريم مايؤكد على ضرورة حفظ النفس من المخاطر والآفات التي تسبب الهلاك للإنسان وتحرمه العيش الكريم – لعل الذكرى تنفع:
بسم الله الرحمن الرحيم (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) صدق الله العلي العظيم